يسعى الانسان ما وسعه ذلك الى الأفضل والأحسن والأكثر عزا وسؤددا ،
سائرا بمنهجية أو سطوة أو بمكر أو بتحالف أو بتعاضد وتعاون .
ولا يتوقف ألا عندما يهوي مفسحا لمغامر آخر .
المغامر والبطل والممثل والإداري والتكنولوجي والإيديولوجي
والعلمي والعلماني كلهم صور من السعي وراء هذا المنصب أو ذاك.
وكل واحد منهم ينطوي على جرعة حق وفكر ورغبة إلا أن الثابت أن
كل ظل أو نسخة أو قناع أو ادعاء يمثل خطا ظلاميا وعقبة كأداء وظلاما
ينتظر فجرا يوقظ المدينة .
المنصب ليس رغبة ولا حلما ولا هدفا ولا جائزة ،إنما هو ركن أساسي
لبناء الحضارة والتطور والفعل الناجع والانتقال الى مرحلة أكثر
دقة و فكاهة .
ولعل من أطرف مدارات المناصب ومتاهاته ما كان قد جرى في عصور
سابقة حين كان المال يشتري ،والقوة تغتصب ،والعصبة تغزو ،
أما الكفاءة والقدرة الواعية والفعل الفاعل فهي من لزوم ما لا يلزم
في نظر العديد من واضعي الضرائب الغريبة كالضريبة على الأعراس
،ومن البائعين في المزادات حيث يفوق المبلغ المدفوع قيمة ما
يشترى من سلعة أو لوحة أو منصب .فلماذا يدفع الشاري مبلغا يزيد
على السعر الحقيقي والعادل .
إن الفلسفة العمرانية ترى المناصب محطات للعمران والحضارة
وتؤكد أن هذه المناصب إن لم تكن وعدا وسعدا وعيدا فإنها بؤر
تتفاقم فيها الخلافات والنزاعات وصرخات الانسان المتألم في
رحاب الدهور .