أشارت سهى الى سيارة تاكسي ،وصعدت الى المقعد الخلفي قائلة :الى الروشة ..
نظر السائق في المرآة ،أقلع بالسيارة ،ثم عاد يحدق
بالمرأة وقال :ألست سهى ؟
تفاجأت السيدة الأنيقة ولكنها قالت بحزم :لا ..
وأضافت بعد قليل : من ْسهى هذه ؟؟
هزّ السائق رأسه وقال : سهى فتاة لطيفة محترمة وقديرة ،كانت تعمل ،أو بالأحرى كنت أعمل معها في شركة استيراد وتصدير ،في الروشة ...
......
ثم أكمل السائق : مرّت الشركة بضائقة مالية فاستغنت
عن موظفين ،وكنت في عداد المصروفين إلا أنني لم أفهم لماذا استغنوا عني ،كنت مجدا ً ونشيطا ً فكيف يستغنون عني في حين أن زملاء آخرين لم يستغنوا عنهم ....؟
لم تجب سهى لكنها سرحت بنظرها الى البعيد .وعندما
توقفت السيارة ،نقدت السائق أجرته وقالت :أتحب أن تزور زملاءك القدامى ؟؟
اندهش السائق ثم قال :مرحبا ً بهم .طبعا ً،طبعا ً .
أسرع السائق الى باب المصعد يطلبه ثم يفتحه لسهى
بأدب جم ونظرات ودودة .كانت سهى حب حياته . كتب
لها كل يوم رسالة ،وكل عيد أرسل وردة لكنه صرف
دون أن يستطيع أن يخاطبها بكلمة .كانت زميلته في
الغرفة ،ساعي البريد .ولكنه صُرف .
في الشركة رحب به زملاؤه ،وتحلقوا حوله ،وبعد دقائق
تصاعد صوت سيدة بلهجة حازمة :فؤاد ..
انصرف الموظفون ،والتفت السائق الى صاحبة الصوت ،
إنها سهى تقف في باب مكتبها .تقدم منها فدخلت
المكتب وأشارت اليه بالجلوس .
فتحت سهى درجا ً ،وأخرجت مجموعة من الرسائل وقالت
بلطف وفضول : من كتب هذه الرسائل ؟؟
تقدم فؤاد وتأملها :الى حبيبتي سهى ...
قال بود ظاهر : أنا .كنت أرسل لك رسالة كل يوم
مع لمياء ..
فقاطعته سهى قائلة :لم أستلم رسالة واحدة .كانت
لمياء تسلمها للمدير ..
دهش فؤاد وأكملت سهى :وقد عُثر على لمياء ميتة هنا ،في الشركة ،انتحرت ،ابتلعت منوّما ً .
تذكر فؤاد لمياء .كانت فتاة جميلة تحب "الشيطنة "
ماكرة وصامتة إلا أنه لم يفهم سبب ألاعيبها ..
أكملت سهى :تستطيع استعادة مكتبك ..
لم يصدق فؤاد أذنيه ،يعود الى العمل .نظر الى سهى فأدرك أنها المديرة الآن .غمغم شاكرا ً وإذ بها تقول
عليك الانتباه جيدا ً،وكن مستعدا ً بعد ساعة .قد أطلب منك مرافقتي الى جونية.