ليست التخمة فعلا عاديا ،بل هي أقرب الى الغطرسة ،
أما الطعام السليم فعماد الجسم السليم .ما في ذلك من شك ،
إلا أن قلة الطعام وذاك الإحساس الغامض بالجوع يشع في ساعات
النهار ولحظات التأمل ،وهنيهات الفعل النهضوي والعمراني .
فالجوع مقاربة الألم والشفافية .إنه وقوف عند الحد الفاصل
ما بين الأنا وظلالها ،ومحاولة آكتناه طبائع الأشياء .
فقلة الطعام مع ما يرافقها من جوع ناعم وماسي ،خطوة جادة
للإمساك بخيط الحقيقة ،إلا أن علاقة هذا العفاف بالعمران
تبقى ملتبسة .فالعدالة والفهم والإفهام مائل قلقة ومقلقة
لكنها أجزاء من لوحة الحياة اليومية .أجزاء أساسية،أجزاء
معدودة .وفي خضم الأجزاء المتناغمة ،الجوع زهد واستعلاء
لكنه يبقى محاولة فردية .أما الحقيقة والحكم والنمو فمسائل
معقدة وحضارية،مباريات ومهرجانات والتماس الماء في صحراء
مترامية .
قلة الطعام ،بشهيتها البسيطة بساطة الجوع ،سؤال عذب وركن
براءة وواحة عدالة ،ركوع في محراب المقدس ،أما العمران
،تلك الشجرة الوارفة والظليلة ،فثمرها قد يكون لذيذا
وسكريا أو غير بريء من السمنة