في قريتنا التي تبعد حوالي مائتي (200) كلم شرق العاصمة تدب حركة نشطة ستسفر لا محالة عن أمر هام ، الشوارع تزينت بأشياء جديدة ، وبدأت تستقبل وجوه جديدة أيضا ، تظهر تقاسيمها أنها جاءت من مناطق مختلفة ، هكذا لاحظت ، فسكان القرية الأصليون يتقاسمون مظاهر فسيولوجية أكسبتهم إياها قريتهم الحبيبة ، وهذا ما يميزهم عن غيرهم من الناس (وجوه باد عليها حر الشمس ولفحها ،نظرات غريبة يمطرك بها كل من يراك كبيرا أو صغيرا كان ، وتصرف بدائي لافت ...) .
كنت علي وشك أن أخلد للنوم في حدود الساعة الثالثة بعد الظهر وإذا بسيارة مثبت علي ظهرها مكبر صوت وملصق علي أبوابها صور مكبرة للسيد.... ، أحد أبناء القرية الذين هجروها منذ ما يزيد قليلا علي عشر سنين، لفت انتباهي الصوت الصادر من السيارة المارة من أمام منزلنا مباشرة، السيد......، أحد أبناءكم المخلصين الذين دافعوا عن مصالحكم، هو الذي جلب لكم الآبار الارتوازية وكذالك السياج الذي تضعونه الآن علي السد وجلب لكم كذالك....، كل هذا من صنعه ويعدكم بالكثير في المستقبل القريب ، إنه ما فتئ يدافع عن مصالح هذه القرية حيث ما حل وارتحل.
في الوقت الذي ينبعث فيه الصوت الصادر من السيارة كان أبي مشغولا مع شخص يبدو من مظهره الأهمية ومن الاستقبال الذي خصه به أبي المكانة الرفيعة ، بعد اجتماع مطول بينهما إذا بأبي يقول هيئوا أنفسكم الكل سيذهب إلي الاجتماع مساء اليوم في المساحة العامة أمام منزل أهل........
كما تعلمون أنا ابن هذه القرية دمي وجهدي وأنا كلي لها ، عقدت هذا الاجتماع كي أطلعكم أنني قررت خوض هذا الأمر لأجسد محبتي لكم وإخلاصي لقريتي هذه وذالك بمزيد من العطاء ، لكن سيتحقق ما أصبو إليه فقط بجهودكم وتفانيكم في خدمة قريتكم ، لذا فأنا اليوم هنا من أجلكم فقط لا غير ، بلدنا اليوم وهذا سر يجب أن تعلموه لا يقدم إلا من كان أهله يساندونه في السراء والضراء ، ومن هنا إذا حصلت علي هدفي اليوم فغدا سأكون مديرا نافذا وسآخذ معي ثلاثون أو أربعون منكم إلي إدارتي للعمل ، وبعد غد سوف أكون أمينا عاما وآخذ أكثر مما أحذت المرة الأولي وبعد عام أو اثنين سأكون وزيرا وسأنقل كل من يريد منكم وأخصص له قطعة أرضية في العاصمة ، بل سأقيم لكم مدينة خاصة بكم بكل لوازمها ، لكن كل هذا بمساعدتكم ، هذه هي الطريق الوحيدة التي سننقذكم بها مما أنتم فيه ، سيكون لنا شأن عظيم ، وفي المستقبل سيحسب لنا كل مرشح ألف حساب ، سنحدد مستقبل هذا البلد ، فقط فلنتحد وراء شخص واحد منا ، الإتحاد قوة .
السابع عشر من هذا الشهر هو موعدنا ، فليأخذ كل واحد منكم بطاقة تعريفه وبطاقة الناخب ، ولا تنسوا من تعرض منكم لأي مشكلة فلجنتنا برآسة عمر ستحل مشكلته ، هل تذكرون الشعار؟ شعارنا النخلة والسنبلة باللون الأخضر ، لا يتخلف أحد وهذا رجائي الخير ، صوت كل واحد منكم يمثل مستقبل هذه القرية ، إذا فزت سيكون عشرة من خيرة شبابنا في وزارة التعليم ومثلهم في وزارة الداخلية وخمسة في وزارة البيئة ، سيقول البعض كيف ذالك؟ لكن نحن الوزراء لنا طرقنا الخاصة ، وصيتي لهم هي ألا يتركوا شيء مما يستطيعون حمله من الوزارات التي سيعملون بها فوطننا (مال هوش الجاه إحوش) ، تعرفون لم أوصيكم بهذا ؟ لأنه إذا لم تستفيدوا فالرئيس سيعزلني وسيتهمني أصدقائي بضعف الشخصية ، إذا لم نأخذ ما استطعنا فسيأتي آخرون ويفعلوا ما عجزنا عنه ، انهبوا واسرقوا واخرقوا القوانين لكي يكون لكم شأن أليس كذلك يا شعبي الكريم …؟؟؟