لم يكن فوكو رجلا عملاقا ولا عسكريا ولا قائدا محاربا ولا جامع ثروات
ولا صياد فرص ولا انسانا محظوظا ،كان فوكو بكل بساطة رجلا حصل قدرا كبيرا من المعرفة أتاح له أن يعمل أستاذا جامعيا وأن ينشئ لنفسه
علاقات وصداقات ثم مات بعد زمن ميتة ذات علاقة بالمعرفة ،بقدر قليل
من المعرفة ،مات فوكو تاركا إرثا فكريا معرفيا يختصر بعبارة بسيطة :
المعرفة قوة .
ولم يكن بارت رجلا غنيا ذا مال وخدم وحشم ،ولا كان سياسيا يخطب في الجماهير ويرعى مصالح فئات شعبية ،كان فارسا من فرسان الكلمة ،يخوض
غمار النصوص كأخيل في معركة ،أو سبارتكوس أو سير لانسلوت أو رولاند
في حروبه الدامية ،ويعود من هذه النصوص بمفاهيم وعبر ،لكنه رغم معرفته المعمقة مات جراء حادث سير بسيط في ضحوة يوم عادي ،عادي جدا.
وقبلهما عاش نيتشه ، رجلا ضعيفا مريضا ضجرا ،ملولا ،وعاش على هامش المجتمع ،بفضل محبة بعض أقربائه ،فأحس بكل كيانه بقيمة القوة ،بكل انسان حي ،ومات نيتشه في شرنقته الخانقة لكنه جر خلفه عددا كبيرا
من البشر الذين قتلوا جراء ضعف أو مغامرة أو أطماع أو عواطف نزقة
ثائرة .
وفي زمن ما عاش شمشون الجبار ،ذاك الرجل الذي اشتهر بقوة خارقة
لعلها مرتبطة بقوة ما غامضة ،ولم يكن شمشون رجلا واسع المعرفة
ولا خارق الذكاء ،كان ببساطة رجلا يجسد القوة تجسيدا لامعا ،..
وحارب شمشون معتدا على قوته ،وفتك بمن فتك ،وتزوج امرأة جميلة
من غير قومه ،دأبت على محاولة اكتشاف سر قوته الى باح لها به ،
فأسلمته الى أعدائه ضعيفا ذليلا ،وعندما استعاد قوته هدم البناء
عليهم وعليه فقضوا جميعا .