في البدء كانت الكلمة ،وكان الانسان ،وكانت الخطيئة .واللافت
أن الإثم لم يكن نزوة أو خطأ بل التبس بهدف معرفي وبرغبة في
اكتساب قدرة أكبر والانتقال الى مرحلة مختلفة .
ومع انتقال الانسان من حال الى حال ،جاءت الوصايا لتهدي
الانسان من الضلال والخطل والخطأ والإثم ،ومن ارتكاب المحظور
باسم التفوق والتطور :أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض
التي يعطيك الرب إلهك ،لا تقتل ،لا تزن ، لا تسرق ،لا تشهد على
قريبك شهادة زور ،ولا تشته بيت قريبك ،ولا تشته امرأة قريبك .
إلا أن الإنسان مضى الى هدفه بعزيمة لا تعرف التهاون ،فاشتبك
الأخ مع أخيه ،وقتل القوي الضعيف ،وكان السلب والسطو في كثير
من الأحيان طرقا معترف بها ،وخطفت النساء ،وبدلا من حسن الخلق
شاهدنا ونشاهد أنماطا من السلوك لا نستطيع التحقق من صحة صاحبها
وأخلاقيته .
الانسان والأنا ،الانسان والانسان ،الانسان والقوة ،الانسان والسلطة ،
الانسان والفوز ،إرادات ورغبات ملعونة ،خطى وخطط موزونة وغير موزونة
عباد وبلاد وجلاد وجهاد واعتداد بأنا كانت ومازالت مدانة ومثخنة .
الى الوصايا أضافت العلوم الانسانية كعلم النفس وعلم الاجتماع
وعلم السياسة دراسات ونصوصا تحاول فهم التجاوزات والعصبيات
والنزوات والشهوات والفعل الانساني الذي يخرج من إشكال ليدلف
الى إشكال ويستوطن الالتباس ويرتاح في الأحلام والممكنات اللزجة .
الفلسفة العمرانية تفسح للإنسان ومشاريعه وخططه وعواطفه
أما العمران الذي تعنى به فإنه يقي الانسان من الزلل ويهديه
الى حسن الخلق والسبيل القويم .