AZIZO مبدع
عدد المساهمات : 3 تاريخ التسجيل : 11/06/2012
| موضوع: بدون تعليـــــــــــــــــــــــــق الأحد يونيو 17, 2012 2:25 am | |
| بدون تعلـــــــــــــــــــــــــــــــيق لم أشأ أن أتقدم خطوة أخرى نحو الأمام...الهواء الحار يلفح وجهي بشراسة أشرس من شهر جوليت هذا. أنا أتفادى لقاءه في كل مرة...أجتهد كثيرا لكي لا أصادفه. انه هناك جاثم بمحاذاة سيارته المهترئة. الصدأ متشعب في كل قطعة معدنية فيها...كان متوترا و مرتبكا على ما يبدو. ربما ينتظر أحدا ليقتنصه كما العادة . هيئته توحي للمرء بأنه من زمرة المتسولين...كان أبخل من "ديكة مرو" التى حكى عنها الجاحظ في كتاب البخلاء...أيام الطفولة كان يمتص تمرة شطر النهار ثم يمتص النواة في الشطر الثاني رغم أنه كان من عائلة موسرة في المدينة...في عيد الأضحى المنصرم خاصمني مدة عشرين يوما كاملة. يومها طرق بابي و قال بأدب مصطنع – سليم أرجو أن تقرضني ثمن الشاة. فأنا لما أقبض الراتب بعد – أجبته محنقا – أنت تعلم حق العلم بأنني سوف أقتني الشاة أيضا. في الحقيقة لا مال لدي لأقرضك إياه – انتفض الرجل كمن عضه كلب و قال – أناني و متعجرف يا سليم و لا تحب الا نفسك – ابتسمت هذه المرة و أنا أجيب – إذا كان للأنانية تمثال على سطح الأرض فهذا التمثال هو أنت بلا منازع- استدار ساخطا و غادر البيت دون سلام...راودني ذلك المشهد و أنا لا أزال متسمرا فوق الرصيف مخافة أن يصيدني كما العادة...قدماي ترفضان المسير وسط هذا الحشد الزاخر من المارة. وهج الشمس يوشك أن يحيل جماجم البشر الى كتل من النار...لكن صلعته كانت تتلألأ هناك و تشاكس ضراوة الشمس الحارقة. في جوف تلك الصلعة تعمل خلايا المخ دون كلل أو ملل وسط أرقام الدينار و الأورو و الدولار...لا شك أنه رمقني من بعيد دون أن أدري. قال لي صديقه ذات يوم – ان صاحبك يبصر الأشياء من بعيد مثل زرقاء اليمامة- كان يفوق تلك المرأة في حدة البصر. ..تحكي العرب أنها كانت ترى الأشياء على بعد مسيرة أيام. يترصد أصدقاءه أمام البنك أو عند أسوار السوق أو حين يتسرب الى أذنه أن أحدهم قد قبض راتب الشهر...ينقض عليه كما الصاعقة و هو يلهج بهذه الدعابة المملة – من فضلك يا صديقي أقرضني شيئا من المال لأبتاع كذا و كذا...- و يسرد أمامه طولا وعرضا قائمة من الأشياء و المشاريع و لا ينس أن يطمئن ضحيته قائلا – شهر أو أقل و أعيد اليك المال – كان ذلك دأبه دائما. ها هو الآن يفتح صندوق سيارته و ينبش في أحشاء المحرك بأناة...تمثيلية ساخرة يخترعها على الفور. ماهر في افتعال الأعطاب . فرصة سانحة جدا لطلب القرض من أي كان. و ما أن يقع أحد ما في شباكه حتى يباغته بسيل من الشكاوى – تبا لهذا المحرك. يفقد الكثير من الزيت و لا مناص من اصلاحه لكن.أووووووووووووووه ليس بحوزتي ما يكفي من المال- الحق أن السيارة قد سئمت الميكانيكي و سئم منها الميكانيكي...لقد كان في وسعه اقتناء أحدث سيارة أنجبتها المعامل. فجأة أبصرته يلوح نحوي بذراعه الناحلة. كنت متأكدا أنني سوف أقع في شباكه مجددا...تقدمت نحوه مستسلما و أنا أعتصر الابتسامة. في الواقع بقي خيط من صداقة الطفولة لا يزال يربط بيننا و لا أريد أن تتغلغل الخصومة بيننا ثانية...هش للقائي واحتضنني مطولا و سرعان ما أفضى إلي بشكواه الخالدة. أخرجت حافظة النقود لكي أمنحه المبلغ المطلوب...لكن ماذا؟؟ في غفلة مني انقض أحد اللصوص على الحافظة و تلاشى وسط أمواج من البشر ليترك صاحبي ذاهلا. جاحظ العينين. قد نضبت الحياة من صفحة وجهه. [right] | |
|