اجتمع الساهرون في غرفة المائدة .تناولوا الطعام وسط كلام محبب ،وهم يسمعون موسيقى لطيفة .بعد
الطعام عادوا الى الصالة ،وجلسوا يرشفون القهوة ،ويتحدثون عن الغلاء والعلم والثقافة و...الأولاد
وما يكلف تعليمهم
أكـّدت النساء أن المدرسة وحدها لاتكفي ولا تشفي ،وأعلنت الأمهات أنهن يحوّلن المنزل الى مدرسة ثانية
ابتسم ابراهيم ونادى ابنه نادراً،وهو فتى يافع في العاشرة من عمره .ومضى يسأله عن عواصم البلاد ،فأجاب
بدقة ،وسأله عن أعلام الأدب فما أخطأ.وذكر الاكتشاف تلو الاكتشاف ،والاختراع تلو الاختراع ،فأوضح
نادر كل ما يتعلق بالمكتشف أو المخترع .وعرج الجميع على التاريخ والجغرافيا والسينما والأدب والشعر فما زلّ لسان نادر
،ولا تلعثم أو تلجلج ،دهش الحاضرون ،فنادر عبقري بلا شك ومضوا يتوقعون له مستقبلا ًباهرا ً،وربما فتوحات كبيرة في ميدان العلم أو الفكر أو الأدب .وهنا سأله أحد الحاضرين :ماذا تود ّ أن تكون في المستقبل ؟
فأجاب نادر بسرعة :رائد فضاء .
ابتسم الأب ،وزهت الأم ،لكن السائل تجهم واكفهر وجهه ،ومال الى والد نادر وقال :أحقا ً ما يقول؟
فأكـّد والد نادر أن ابنه حر في اختيار مستقبله .وعاد الضيف الصديق يسأل :ولكن ليس في بلادنا سفن فضائية .سيهاجر نادر ،وبالتالي سنخسر طاقة علمية قد تسهم في بناء الوطن ..
تدخلت والدة نادر ،وأوضحت أن ابنها سيفيد الانسانية جمعاء
وسرح نظرها الى البعيد كأنها تنتظر بلهفة ساعة السفر
اعتدل الضيف ولاذ بالصمت ،واعتذر نادر من الضيوف وتوجـّه الى غرفته لكنه مالبث أن وقع
بعد خطوات وشج ّرأسه لكنه لم يبك ِبل جلس بصمت فيما والدته تضمد جرحه .ونظر الى حذائه فإذا شريطه مفكوك ،ولعله
سبب سقوطه فقد داس طرفه فوقع .فمال الى والده وقال :بابا .أرجوك اربط لي شريط حذائي
فأنا لا أحسن ربطه