كان ظافر يحب القهوة كثيرا ً ،يشرب فنجانين عند الصباح ،وفنجانين عند الظهيرة ،وبعض الفناجين أثناء القراءة
.وبات مؤخرا ً يقلل من حرصه وحيطته عند المساء ،فيشرب فنجانا ً من القهوة بدون سكر وينجح في النوم .
إلا أنه قرأ أن القهوة بقدر ثلاثة فناجين مفيدة ،أما أكثر من ذلك فتتسبب بأضرار .فاكتفى بفنجانين عند الصباح كي يستيقظ بشكل نشط ،وبفنجان أثناء القراءة .ثم توسع في قراءة وظائف الجسم وعمل أعضائه .وألم ّبثقافة واسعة عن الأمراض العضوية
وفوائد الأعشاب .فكف ّعن شرب القهوة ،وانهمك في شرب منقوع أكليل الجبل والقصعين والكراوية والكمون والزنجبيل وما
شابه .وبات يحدّث عن غباء الإنسان الحديث الذي لا يشرب إلا القهوة والشاي والبدعة الجديدة "النسكافيه"،وهي كلها
منبهة وخالية من الفوائد الصحية .
لاحظ ظافر أن تعبا ً فلبيا ً ينبثق فجأة بين جنباته ،فقرأ عن القلب ومشاكله ،وأخذ يشرب ما يفيد القلب وينعشه
فانتعش .
ثم بات يعاف الحلويات ،فهي كما قرأ مضرة بالصحة ومنهكة للجسم ،فقرأ عن الأعشاب المفيدة للسكري ،وماذا لو خفض نسبة السكر في دمه ؟لاشك في أنها عالية ؟
أثناء نزهة ظافر في شارع حيوي ،رأى محلا ًلبيع الأدوية المستخرجة من الأعشاب ،وخطر له أن يشتري الدواء الخاص بالسكري .ابتاع زجاجة وعاد الى منزله وشعور الصقر يملأ كيانه
جلس في شرفته وقد أعدّ فنجانا ًمن الأعشاب ،وتناول جبتين من دوائه الجديد وأخذ يفرأ ،ويرشف من فنجانه .فجأة شعر بقوة بالغة فابتسم ،وقلب الصفحة وتابع القراءة .وما لبث أن داهمه تعب لذيذ ،فمال فليلا ً وسقط الكتاب من يده