گـبريــاء
بلال جبران
أدخل يده في جيبه والتقط علبة سيجارة أشعل واحدة منها فظل يرقب تصاعد الدخان المنبعث في خيوط متعرجة نحو السماء.
والكبرياء يعانق قلبه في الظــــلام والرحــــيل يشده إلى الماضي الجميل , رغم مافعلت به الأيام رغم الرحيل , كان يحن إلى ماضـــيه القديم .. ويتذكر..
نهض من مكتبه وأخذ يمسح الغبار من فوق كتبه والصور التي تزين جدار المكتب , ويقلب صفحات الماضي الجميل .
أطل على شرفة مكتبه وتذكر هدوء المدينة وناسها البسطاء والأطفال يلعبون في الشارع بكل براءة وكلما احتسى رشفة من الشاي أشعل سيجارة و تذكر.. نظر إلى الشرفة المقابلة له فإذا به يسمع تلك الضحكات الرقيقة المنبعثة من الغرفة وتذكر ضحكات الفتيات اختلطت مشاعر جياشة ارتسمت في عينيه ملامح وجوههن وصدور مشدودات مكشوفة وشعر مسترسل وسيقان بيضاء رشيقة وهن يتراقصن على صوت الموسيقى الصاخبة فطالما كان يحلم بمضاجعتهن ولكن كبرياءه يمنعه من ذلك فقد كان أكبر تجار المدينة وأعندهم فلا يقدم تنازلا لأي شيء مهما كان ثمنه فقد أعز أصدقائه بسبب كبريائه وعناده وخسر شريكة حياته لأنها طلبت منه الرحيل قبل الحرب فكان يغتر بماله وهيبته في المنطقة ولكن أتت الحرب وسلبت منه ثروته ، دخل السجن واتهم بتهمة سياسية وحُكم عليه بالسجن لمدة عشرين سنة .
رغم انفصاله عن زمن جاء منه إلاّ أن إحساسه لم يتغير ظل يقلب صفحات الماضي وينظر إلى المدينة من على شرفته المرتفعة بدأ المطر ينزل خرج الأطفال إلى الشوارع فرحين يرددون الأناشيد تحت زخات المطر ضحك بكبرياء ........
عاد إلى الداخل ليشعل سيجارة مرة أخرى , وسط أكوام من الخيبة تهز كيانه