تابع أحداث الغرفة..
الغرفة 2
________
ما زالت الفتاة تواصل سردها لأحداث حكايتها الغريبة على مسامعى ..وأنا ما زلت أعتقد أنها خيال فتاة .. تمر بفترة المراهقة المتأخرة و تبيت لأول مرة فى حياتها فى مكان غريب عليها وتحرم من أحضان أمها الدافئة وحماية أبيها والأمان التى تشعر بة فى وجودة .. دعونا من معتقداتى التى هزتها بشدة قصة هذة الفتاة ومقاومة عقلى المستميتة فى عدم تصديقها ..ولنسمع باقى قصتها ..
- عندما فتحت لى أمى الباب ..أرتميت فى أحضانها وشعرت أمى بى وصرخت عندما وجدتنى أرتعد وجسدى ينتفضد بشدة بين يديها ورفعت رأسى بين يديها ..وتكررت صرختها عندما رأت أصفرار وجهى ..وكادت أن تفقد وعيها فزعا ..عندما رأت خصلات الشعر الأبيض ..وقد تخللت شعرى الأسود كسواد الليل ..وكما نقولها بالبلدى.. شعرى طقطق...وهنا قاطعتها ورفعت نظرى الى شعرها ..وأنقبض قلبى وبدأت أشعر بخوف شديد تسلل بداخلى وبدأت أفكارى ترتبك ..عندما رأيت خصلات الشعر الأ بيض المنتشرة فى شعرها الأسود الداكن ..فمن المؤكد ان الفتاة تعرضت لفزع رهيب ..هدأتها وقلت لها وأنا أبتسم أبتسامة كاذبة ..
- اهدأى يا أبنتى فأنا أعرف باقى ما حدث لك من غياب عن الوعى ..ودخولك مستشفى الأمراض النفسية والعصبيه ..وتناولك المستمر للمهدئات ..فحاولى أن تنسى وتواصلى حياتك كأن شيئا لم يحدث ..فهزت رأسها بالموافقة فهى تعتبرنى فى منزلة أبيها ..وترتاح فى مناقشة الأ مور الأدبية معى..وهنا دخل أبوها
- هه أرتحتى لما حكتيلة ..ما أنت المنافس بتاعى ..فرددت علية ضاحكا..
- أنت بتغير منى ولا أية ..وضحكنا جميعا وشاركتنا الضحك ..حتى أقتحمت علينا أمها وعلامات الأستغراب بادية على وجهها ..وهى تقول ..
- فية أتنين ستات جايين يزوروكى ..تساءل الأب..
- من الجيران ..
- لا ..مش م الجيران ..دى أول مرة أشوفهم ..
- طب ..دخليهم ..يمكن جيران ..جايين يقوموا بالواجب ..فزيارة المريض ..صدقة ..وجايز جيران جداد دخليهم..خرجت وسمعت عبارات الترحيب من الأم وهم يقتربون من باب الغرفة ..
دخلت سيدتان تسند أحداهما الأخرى من يدها حتى لا تقع فهى تتحرك بصعوبة بالغة ..ساعدت الأم فى أجلاسها وجلست الأخرى بجانبها تمسح وجهها بمنديل ..وكانت تتنفس بصعوبة ترمى وجهها للخلف فى محاولة لألتقاط أنفاسها ..وعندما رفعت رأسها ونظرت فى أتجاة الفتاة فى حب ورجاء ..وتلاقت أعينهما ..فوجئنا جميعا ..بصراخ الفتاة المتواصل ووضعت وجهها فى صدر أبيها وقبضت على يدى وأخذت تضغط عليها بقوة وهى تواصل الصراخ ..وهى تردد ..
- أبعدوها عنى ..أبعدوها عنى ..هى ..هى ..أبعدوها ..
- كادت أصابع يدى تتكسر من ضغطها الشديد عليها ..ونقلت الخوف والرعب الذى شعرت بة الى من خلال أصابعها الضاغطة ..وأخذ أبيها يربت عليها لتهدئتها ..وأتجهت الأم الى المرأتين غاضبة ..
- أنتوا مين ..وعايزين أية من بنتى ..
فوجئنا جميعا بالمرأة العجوز تخطف يد الأم وتقبلها والدموع تنهمر من عينيها بغزارة ..وهى تستعطفها ..
- عايزاها تسمعنى ..أبوس أيدك ..خليها تسمعنى .. ردت الأم فى غضب .
- أنتى مش شايفة حالتها بقت أزاى لما شفتك ..تسمعك أزاى وهى فى الحالة دى ..أنتوا أكيد مجانين ..وأتفضلوا أطلعوا برة ..أنتوا ضيعتوا علاج شهر كامل ..وأخذت الأم تدفعهم بقسوة ليغادروا ..وفجأة أحسست بيد الفتاة التى كادت تعصر يدى ترتخى ..وتترك حضن أبيها ..وتقف وتتجة ناحية المرأة العجوز وأختها ..وقد أرتسمت على وجهها أبتسامة خفيفة وتحركت وكأنها منومة مغناطيسيا ..وبكل الود والحب أخذت المرأة العجوز فى أحضانها وأخذت المرأة تتشممها في حب ثم أحتضنت أختها فى حب وعادت وجلست بجانبنا وقد عاد الدم الى وجهها وعادت أشراقتة مع أبتسامة ودودة للمرأتين ...أرتمت أمها فى ذهول على أقرب كرسى ..وجلست المرأتان وهم يتبادلون مع الفتاة نظرات كلها ود وحب ..وأنا وأبيها نفغر أفواهنا فى ذهول تام ونجلس دون حراك ..
وفجأتنا الفتاة بموافقتها على السفر ودخول الغرفة ..وبعد مجادلات ورفض من الأب والأم ..وبالطبع منى ..صممت الفتاة وأصرت أصرارا غريبا على السفرودخول الغرفة ..أنصاعت الأم خوفا أن تنتكس حالتها وأصرت على السفر معها ورضخ الأب ..رغم محاولاتى المستميتة معة ليرفض ..وتركتهم وأنا فى حالة من الغضب والأرتباك الشديد فى معتقداتى وأيمانى بعدم وجود عالم ما وراء الطبيعة ..وأن هناك عالم أخر يشاركنا أرضنا...ومر شهران وأنا أعيش فى هذة المتاهة والأرتباك الذى حدث فى عقلى ومعتقداتى ..وأقاوم فضولى أن أذهب الى صديقى و أسرتة لأعرف ماذا حدث..أنتابتنى الكوابيس من منامى ..أهملت عملى ..وقررت المواجهة لأعرف الحقيقة مهما كان تأثيرها على حياتى الفكرية ..قادتنى قدمان مترددتان فى الذهاب ..أقدم قدم وأرجع الأخرى ..وفجأة وجدتنى وجها لوجة مع الفتاة ..ونظرت الى وجهها وقد أرتدت الية نضارتة وشبابة . وأبتسامتة الرقيقة ..وفوجئت .بها وعلامات التعجب على وجهها..
- مالك يا عمى أنت عيان ..وشك مصفر ..وخاسس قوى ..وأية السواد اللى حوالين عينيك دة ..
وظهر أبيها وأمها وهم يلقون بعبارات الترحيب ..ولكنهم يسألون نفس السؤال ..مالك أنت عيان..وصرخت فيهم وأنا أكاد أبكى ..
-أنتوا اللى عملتوا فية كدة ..وأنا لازم أعرف أية اللى حصل ..مش عارف أعيش ..ولا أنام ..ولا أفكر..
أبتسموا جميعا وهدأونى ..وبدأت الفتاة تكمل قصتها..منذ شعرت بنسمة على وجهها ..تنفستها بعمق وتغير أحساسها تماما من الرعب الشديد الى شعور بالهدوء والسكينة ..وأنها تعرف هاتين المرأتين منذ ولادتها .ووافقت على السفر ..وعلمت من الأم وأختها ..أنهم أتهموا زوج الأم فى النيابة بأنة هو الذى أعتدى عليها بعد أن أثبت تشريح جثتها بأنها كانت تحمل جنينا وفى شهرها الثانى ..وبرأتة النيابة لعدم ثبوت الأدلة ..
وأن روح الفتاة لن تصعد الى بارئها ..الا بعد الأخذ بثأرها وعقاب الجانى على فعلتة البشعة ..وأن فتاة الغرفة لم تظهر لأحد قبلها أو تكلمة ..والفتيات السابقات لها فى الغرفة ..كانت تشعل النار فى ملابسهم ..حتى يتركوا الغرفة ..
والأم متأكدة أنها ستكشف لى عن الجانى ..وأننى الوحيدة القادرة على أن أهدى روحها الى طريق الخلاص ..
وصلنا الى سكن الطالبات ..والعجيب.. بأننى لم أشعر بأى خوف أو تردد ..بل أنتابنى شعور باللهفة على لقائها ..وتناولت المفتاح من يد المشرفة المرتعشة ..بيد ثابتة ..وهنا سمعت صوت المؤذن يؤذن لصلاة العشاء مما زاد الطمأنينة والسكون لروحى ..وأتجهت بخطوات ثابتة الى الغرفة وفتحت باب الغرفة ..ثم أغلقته خلفى ...
.ووجدتها جالسة على سريرها وكأنها كانت فى أنتظارى ..وعلى وجهها نفس الأبتسامة التى أستقبلتنى بها أول مرة ..وجلست على سريرى أبادلها نفس الأبتسامة ..كالمرة السابقة ..وأخذنا نتبادل الحديث الودى ..
- وفجأة ..تغيرت ملامح وجهها وصرخت ..وهى تختفى تدريجيا
- زوج أمى برئ ..أنة زوج خالتى ..
ووجدت نفسى وحيدة فى الغرفة ..وأخذت أبحث عنها فى أرجاء الغرفة ولكنها أختفت تماما ..حتى رائحة هواء الغرفة تغير فى أنفى ..فتيقنت أن روحها قد صعدت الى بارئها بعد أن حملتنى أمانتها الثقيلة..
ووقعت فى حيرة شديدة فخالتها التى ساهمت فى تربيتها ..ماذا سيحدث لها بعد أن تعرف الحقيقة ..وماذا سيحدث بينها وبين أختها وهى التى كانت تأتمنها على أبنتها وتتركها تبيت عندها ..كأم ثانية لها ..وقررت أن أخفى الحقيقة ..فضررها أكثر من فائدتها ..وخرجت وأنا مصممة على أخفاء الحقيقة ..وعندما خرجت ..سألتنى أمها بلهفة ..
- قابلتيها يا بنتى ..قالت لك مين المجرم اللى عمل فيها كدة ..
ونظرت الى خالتها وهى الأخرى تسألنى بألحاح ..
- أبوس أيدك ..يا بنتى ريحينا وقوليلنا الحقيقة مهما كانت مرة..
وكنت مصممة على أخفاء الحقيقة ..وعندما نطقت وجدتنى أنطق بالحقيقة دون أى أرادة منى..أو تعمد..
- اللى عمل كدة ..جوز خالتها ...
ولا أدرى بعد ذلك ماذا حدث بينهما.. وعدت انا وأمى وأبى ..دون أن ننتظر لنرى ماذا سيحدث بين الأختين وزوج الخالة ...
بعد أن أنهت قصته وعلى وجهها تلك الأبتسامة البريئة ..وقفت وخرجت مهرولا خارجا من هذا المكان قبل أن ..أجن ...وأفقد عقلى.
( النهاية )
[b]