لا لي ولا لك ولا لبطاط )
أو
وأعطيناهم الحصان كمان ..!
يحكي القاضي محمد إسماعيل العمراني فيقول :ــ
كان هناك امرأة صنعانيه فيها تغفيل ، وقد توفي أبوها وأمها منذ فترة ،
وفي يوم من الأيام كان زوجها في عمله ، وهي جالسة في البيت ، فدق عليها
باب البيت ، رجل دجال ،ففتحت له ،فقال أنت فلانه ، وأبوك فلان ، وأمك فلانه ،
( بلغه أهل صنعاء ،وفيها إبدال كاف مؤنث شيناً أبوش فلان وأمك فلانه ، وامش فلانه )
قالت : نعــم ، فقال :أبوك وأمك اليوم يتعرسوا (او يتزوجوا ) في الجنة
( أي يعمل لهما عرس في الجنة ) وهما يحتاجان إلى ملابس لزوم العرس ،
والزفة ، فقالت : صدق ؟!
لابد أن احضر لهما أحسن الملابس .. لاكن من انت ؟ قال الدجال : مزين البلى
((( والمزين هو حلاق .. والقاعدة في اليمن أن المزين او الحلاق كالخادم يوم العرس
فيسعى في تحصيل ما يحتاجه العروسان وأهل البلى / أي الموتى ))) ، فقالت :
مرحبا ً أعطني خمس دقائق لأجمع لك خير الملابس ( راعي لي شوية )
ثم جمعت له صرتين كبيرتين واحدة فيها ملابس رجال لأبيها ، و الأحرى
ملابس نساء لأمها ، فأخذها الدجال مسرعا ً وبعد قليل جاء زوجها من عمله متعباً
، فلما فتحت له الباب قالت: قولي لي ( أي : قل لي ) جنه
( (( جنه وهي عبارة صنعانيه معناها هنأني ,, .. وهي من امثال نساء صنعاء
(جنه لش ) قالت بعد مه وجنه بمعنى هنيئا ً ، ولش : لك ، وبعد مه : بعد أي
جهد واي انتظار ، يضرب لمن يظفر بحاجته بعد طول معاناة لها وصبر عليها .)))
فقال : لماذا ؟ قالت : قول لي جنه ، قال : جنه لش ، قالت : أبي وأمي عيتعرسوا
( أي : سوف يتعرسون ) في الجنة ، فقال كيف ؟ فحكت له الحكاية كلها .، فصاح بها وقال
: أنت غبية بلهاء ، هيا جهزي لي الحصان حتى ألحق هذا الدجال اللص بسرعة ،
فجهزت له الحصان فركب عليه وأغذ السير ( أي : أسرع ) حتى رأى من بعد الدجال
وفي يديه الصرتان والتفت الدجال فرآه ، فأدرك انه زوج المرأة التي خدعها ،
وفكر بسرعة في كيفيه الخروج من هذا المأزق ، وفي أثناء تفكيره رأى رجلاً أصلع يحرث
في قطعه أرض بجوار جبل وبجواره كومه قش الكبيرة ، فاقبل الدجال ناحية الرجل الأصلع ،
وخبأ الصرتين في كومة القض ، ثم قال الدجال للرجل الاصلع : أترى الرجل القادم على
الحصان هناك ، أنهو مرسل من قبل السلطان ليصنع من رؤوس الصلع بطاطا ً
( البطاط : عن إناء من الجلد ، يوضع فيه الصيط أي الزيت ) ، وكان الرجل الاصلع غبيا ً
مغفلاً فصدقه وقال له : وما العمل قال الرجال الدجال : أرى إن تحاول الهرب منه فتصعد
على الجبل فلا يصل إليك فنفذ الرجال الاصلع ما أشار عليه الدجال ، وعندما وصل
زوج المرأة إلى الدجال سأله : ألم تر رجلاً يحمل في يده صرتين ؟ فقال الدجال نعم
، هذا الذي صعد فوق الجبل فقال زوج المرأة : ولكني لا استطيع أن أطارده وإنا فوق
الجبل وأنا على الحصان ، فقال الدجال : دع عندي الحصان أحفظه لك حتى تصعد
على الجبل وتمسك بالرجل ، فقال زوج المرأة : شكرا ً لك ، ولكن حافظ على الحصان
، فقال الدجال : نعــم ، نعم ، طبعا ً .
ثم صعد زوج المرأة على الجبل ليطارد الاصلع ، فلما أبصره الاصلع يطارده ، تأكد انه
يصنع من صلعته بطاطا ً ، فلما اقترب زوج المرأة من الأصلع ، كان يقول له وهو يطارده
: خذ واحدة ودع واحدة ( وهو يريد بقصده الصرتين ) والرجل الأصلع يضرب على رأسه
ويقول : والله ما معي الا هذه ( وهو يريد صلعته ) .
وفي النهاية أخذ الرجل الاصلع حجرا ً مدبدبا ً ، وتوقف عن الجري وأخذ يضرب رأسه
بالحجر ليشجنها ، ويقول : لا لي ولا لك ولا للبطاط ( وهذا مثل صنعاني ، يقال في
الشي الذي لا تستفيد منه انت ولا غيرك ) ، فلما رآه زوج المرأة يفعل هذا استفسر
عن السبب ، فحكى له ، وعرف انه ليس هو اللص الذي خدع زوجته ، وتبين له ان
اللص هو الذي ترك عند الحصان ، فنزل مسرعاً فرأى اللص على بعد لا يمكن الوصول إليه ،
وقد ركب الفرص ووضع إحدى الصرتين في ناحيه على الفرس والصرة الأخرى في الناحية
الأخرى ، فعلم أنه قد ضاع منه الفرس او الحصان كما ضاعت الصرتان ، وانه خُدع كما
خدعت زوجته ، فعاد الى بيته متعبا ً محسورا ً مخزيا ً لا يدري ما يقول لامرأته ،
وقد وبخها وشتمها على صرتين ، فماذا ستقول له وقد أضاع الحصان ؟! فلما
وصل وفتحت له قالت : ما فعلتم ؟ فقال بسرعة : وجدناه صدقا ً وزفتهم يوم الخميس ،
ولم يكن لديهم حصان ، ( فديت لهم الحصان ) ((( هذا المثل يقال فيمن غلب
مرتين ( أو بلغه أهل صنعاء : زادوا عليه مرتين )
ومثل ما قال القاضي محمد للدكتور محمد غنيم ( عندما أرسل احد أولادة لتحصيل
دين ، كان عند احد الناس ، ولما وصل ابن القاضي الى المدين استطاع
هذا الأخير ان يقترض منه مبلغا ً ثانيا ً بالاضافه إلى الأول ، فلما عاد ابن القاضي
الى البيت سأله القاضي : ماذا فعلت ؟ ، فقال ادينا لهم الحصان كذلك
( أعطيناهم الحصان ) ففهم القاضي ما وقع فأعطيناهم الحصان كذلك ليتمخيلوا عليه
( أي ليختالوا عليه)!.