لم تشتهر الولايات المتحدة الأميركية التي يختصر اسمها الى "أميركا "
بأنها البلد الذي يغزو الفضاء فحسب ،أو البلد الأقوى في العالم ،
أو البلد الذي يعد في طليعة البلدان المتقدمة ،أو بلد السينما
بما فيها من فن وخيال ،بل لعل أهم ما في "أميركا " ما يعرف ب"الحلم الأميركي " .
هناك ،في تلك البلاد ، يعادل الحلم النجاح والحياة والتألق ،والتفوق
والعيش في سعادة يهفو اليها كل فرد ، ويهون في سبيلها كل أمر ،
فلا حواجز ولا موانع ولا زواجر ولا قيم ولا مبادئ سامية ،إنه الفوز الساحق
والماحق الذي يوصل الانسان الى مبتغاه .ذاك في السينما ،أما في الواقع
الذي يختلف كليا عن الفن السابع فإن مبادئ قانونية وحقوقية تفرض
نفسها على ساحة العالم .
الحلم الأميركي والقوانين ،الرغبة وحدود الفرد في المجتمع ، النجاح
وقيمة الانسان في مجتمعه وتجاه نفسه وتجاه خالقه .
الحلم الأميركي ما عاد حلما أميركيا ،إنه موضة اجتاحت العالم بأكمله.
في كل بلد حلم بالنجاح وبالفوز وبالقهر وبتحقيق ما تهفو النفس اليه
.
الحلم الأميركي ينسل من تلفازنا الى عالمنا المنزلي ،ومن الأفلام الى
واقع الأيام ،ومن عالم الخيال الفني الى واقع الحياة الاجتماعية
والسياسية .لكن المسألة الأساسية في عالمنا المعاصر أن كفة الميزان
تميل لصالح الحلم الأميركي في النفوس وفي العقول وفي العزائم
وتلقى صدى طيبا وتربة حاضنة .
الفلسفة العمرانية تتمعن في ملامح الحلم الأميركي ،وتتفحص خطواته
وخططه وآلياته ومعتقداته الأولية وتضعه في تفاصيله كلها في حديقة
العمران والحضارة .