الصقيع*
مكدودة ومستنفذة ، تهاوت سميّة فوق الأريكة بعد نوبة غضب عارم . قالت والحنين ينهض بقامته المهيبة في عينيها :"مشتاقة لأمي وهي دون شكّ مشتاقة لي ، ألن تجيبني إلى مطلبي وتأخذني إليها الآن؟"
كان المطر في الخارج قد دخل في طقس أقرب إلى العويل ، راح ينظر إلى صورة أمها بألوانها الباهتة وبشريطها الأسود الكئيب وإلى صورة زفافهما ، ياالله كم أخذ منّا الزمن_ بلا هوادة_ ضريبته يا سميّة! ينقّل عينيه بين صورتها بفستان الزفاف الأبيض وبين أعوامها السبعين الغائرة فينبئه سكون حركتها بأنها غفت ، يمرّر يده المرتعشة فوق شعرها الأشيب ، ويمضي متوكئاً على عصاه ليجلب لها غطاء الصوف الرمادي ؛ فالصقيع، هذه الأيام، بات ينخر العظام .
*بقلم رلى محمود بتكجي
من مجموعة قصصصية قيد الإعداد