رفع الهاتف الخليوي في وجهها وقد قست ملامحه ،فنظرت بلا اكتراث ،ثم تقدمت
وتناولت هاتفها ،وقالت بعصبية :من سمح لك ؟
فقال ببرود :أنت زوجتي ...
فقالت بثقة :طبعا ً ...ما في ذلك شك ..
-وكيف تجروئين أن ...
نظرت اليه بدلال ،وحلت زنارها ،فإذا هي في كامل أنوثتها ،ومدت يدها مشيرة
:تعال...
ضرب الطاولة بيده وقال:أيتها ...
فردت باهتمام وهي تعيد إحكام ربط زنارها : أنا امرأة .أعرف ما علي ّ ،وما
قصـّرت بحقك يوما ً ،لكنني أتعب أحيانا ً وأحتاج الى مهدئ ...
-الى مهدئ؟؟ سأنغص حياتك الى الأبد ..
فوقفت بحزم وقالت بتؤدة :سأحضر القهوة ،ونقرر معا ً ..
غابت ربع ساعة ،وعادت تحمل له فنجان قهوة ،قدّمته له وهي تقول :
فكـّرت ؟ ربما تغيرت نظرتك الى العديد من الأمور ؟
شعر بالظفر ...هاهي تخاف ،فكرت أنه لا يريد تقديم القهوة لها .رشف القهوة من
فنجانه بهدوء ولذة وقال :
أريدك أن توقعي تنازلا ً عن الشقة ،وتحزمي أمتعتك ...
فقاطعته :كل ما في الأمر أنك غير موهوب مع المرأة ،ولا تملك القدرة على منحها
السعادة ،خـَلقا ً وخـُلقا ً ..
فعض على أسنانه وتابع : وتخرجي كما دخلت بثوب واحد ..
فقاطعته بهدوء :تظن أنك على حق ،وتستكثر على حبيبتك أن تضحك قليلا ً ،أن
تهنأ قليلا ً ،أن ترشف رشفات من السعادة ضرورية لتتابع الشقاء المر ..ربما
لا تقبل حتى برشفة مثل رشفتك المكدرة ..؟
فجحظت عيناه وقال : ماذا تعنين ؟
نظرت اليه وهو يرشف القهوة ويتأملها باحتقار ، ثم حلـّت زنارها ،وألقت ثوب
نومها ،ووقفت بكامل جمالها وقالت بدلع : أترى هذا الجمال ؟ أترى هذا الشباب ؟
ألا ترحمه ؟ ألا تحب أن يهنأ قليلا ً ؟ قل لي :أليس من حق هذا الصبا أن ينعم
ببعض الهدوء ..
ثم لبست ثوب نومها ،وقالت ساخرة :ما أنت إلا فاشل لا تملك إلا التعامل مع
الآخرين بغطرسة .ولا تحسن إلا سلبهم أجمل ما يملكون دون مقابل ،دون
مقابل ...دون مقابل ...وصفقت الباب ...
وبعد ساعة ،عادت ، فرأته منحنيا ً فوق المكتب ،فتناولت الهاتف ،واتصلت
بشقيقته المهندسة باكية راجية منها الحضور لأمر هام ،لا تدري كيف
تعالجه ...